أول سؤال: إذا أردت أن توفق بين المصالح
القريبة العاجلة، وبين نوازع الطبع، وبين رغبات النفس، وبين النصوص انتهى
الدين، أفضيت منه، الدين منهج، الدين شيء صُلب، له كيان، المسلم إسلامه
صارخ، المسلم متميِّز؛ بكلامه، بأفراحه، بأحزانه، بكسب ماله، بإنفاق ماله،
ببيته، بكل شيء متميز، فإذا لم يتميز المسلم، صار في انتماء شكلي انتهى
الإسلام، فالاتجاه الخطير محاولة عصرنة الدين، أن تقرأ القرآن قراءة
معاصرة، أن تفهم الدين فهماً نابعاً من ظروف الحياة المعاصرة، هذه لا بد
منها، وهذه إن لم نفعلها كنا في آخر الأمم، وكأن الله عز وجل غاب عنه أن
منهجه لا يصلح لهذا الزمان، هذا اتهام للدين، حينما يقول الله عز وجل:
كنت مرة في استنبول فسمعت قصةً مؤثرة جداً،
هذا الجسر الضخم العملاق الذي يعد ثاني جسر في العالم، والذي يصل بين شطري
استنبول الشرقي والغربي، ويعبره في اليوم ثلاثمئة ألف سيارة، وبأجرة، وهو
معلَّق بالحبال، وتسير تحته أضخم البواخر، هذا الجسر صممه أحد خمس مهندسين
في العالم وهم يابانيين، من كبار مهندسي العالم، وأنا حينما كنت هناك وجدت
جسر ثاني أنشئ على شاكلته، صاروا جسرين، هذا الجسر الأول يوم افتتاحه، قص
رئيس بلدية استنبول الشريط الحريري وإلى جانبه المهندس الأول الذي صمم هذا
الجسر، وما هي إلا لمحة بصر حتى ألقى هذا المهندس بنفسه في البحر ومات،
انتحر. فهرعوا إلى غرفته في الفندق، فندق الشيراتون في استنبول، فإذا رسالة
كتب عليها قبل أن ينتحر: ذقت كل شيء في الحياة ـ يبدو شهرة إلى أعلى درجة،
أحد خمس مهندسين في العالم، إنجاز ثاني أكبر جسر في العالم، شاب، كل
الشهوات مارسها ـ فلم أجد لها طعماً، أردت أن أذوق طعم الموت. هذا نص
الرسالة التي كتبها هذا المهندس قبل أن ينتحر، إنسان بلا هدف، عقل بلا وعي.
أخواننا الكرام، العقل بلا وحي أعمى، وإذا
أردت شاهد فهذه هي الحياة الغربية؛ تفوق مادي مذهل، يقابله شقاء نفسي ليس
له حدود، إنسان تائه، شارد. فحينما تحكم العقل بالنقل، وحينما تحاول أن
تكتشف لماذا أمرنا الله؟ لماذا نهانا؟ وأن ترفض وأن تقبل، هنا دخلنا في
منطقة حمراء خطرة هو تحكيم العقل بالنقل والدين في الأصل نقلٌ.
الآن الموضوع الرابع هذا سوف أمهد له تمهيداً
بسيطاً، من تعليمات وضع الأسئلة بالامتحانات أن يضعوا سؤالاً بسيطاً،
تقريباً كل الطلاب الضعاف يجيبون عليه، تقدم مئة ألف طالب كفاءة في سؤال
يكاد يجيب عنه كل الطلاب، تسعين ألف طالب أجاب عن السؤال، هذا سؤال بسيط
عليه ثلث العلامة، في سؤال متوسِّط يُغطي الطالب المتوسط، يجيب عنه نصف
الطلاب تقريباً، في سؤال دقيق، وعميق، وصعب، يجيب عنه من عشرين إلى ثلاثين
بالمئة فقط، فالإنسان إذا أجاب عن أول سؤال يكون مستواه ضعيف، إذا أجاب عن
الثاني مستواه متوسط، إذا أجاب عن الثالث مستواه متفوق.
أخواننا الكرام، كما ذكرت قبل قليل الفتاوى
أحياناً بدل أن تنهَض بالناس إلى مستوى الشريعة الغرَّاء، أصبحت هي تهدف
إلى مستوى الناس بفعل الضغوط، الآن تجد فتاوى كثيرة جداً تبيح أكثر
المحرمات بطريقةٍ أو بأخرى، فالوَرع يبقى مع الأصول في هذا الدين الصحيح.
الاشتراك في:
تعليقات الرسالة (Atom)
إرسال تعليق