يقول أحد الدعاة: شاب كان يعمل في إحدى الشركات براتب كبير ولكن بعد علمه بوجود بعض المعاملات المخالفة للشرع ترك الوظيفة.
ظل يعاني فترة طويلة من قلة المال وضيق العيش نصحته للبحث عن عقد عمل والسفر إلى إحدى دول الخليج وبعد فترة حصل على العقد وذهب إلى هناك وبعد شهور يصاب بمرض خطير ألا وهو سرطان الدم.
فرجع إلى بلده واشتد عليه المرض والألم فقال الأطباء: لا بد من العلاج بالكيماوي.
ومع استعمال العلاج بدأ شعر رأسه ولحيته يتساقط، فامتنع عن العلاج الكيماوي فقلت له: سيزداد عليك الألم.
فقال: أتألم ولا أقابل الله بغير لحية! ومع إصراره صرفوا له مسكنات وإن كانت لا تخفف عنه إلا القليل من الآلام.
يقول الشيخ نصحته للذهاب إلى مكة وأداء العمرة والشرب من ماء زمزم، وهناك وفي إحدى الليالي رأى أنه ومعه اثنان خلفه يمشون في الجنة ثم فتح أمامه باب كبير فرأى قصراً عظيماً فقال لصاحبيه: انظرا هذا قصري.
فقام من المنام منشرح الصدر فرح بهذه الرؤية الطيبة فتوضأ وجلس يصلي لطلوع الفجر.
وبعد أيام رجع إلى بلده.
يقول الشيخ: كنت أزوره لأخفف عنه وأذكره بالله فكان والله هو الذي يذكرني بالله حتى أني كنت أحرص على زيارته قبل أي محاضرة ليرق قلبي وترتفع همتي, وكان حريصاً على نصح المرضى الذين معه في الغرفة وبذل ما يستطيع لخدمتهم.
يقول أخوه: جاء في أحد الأيام رجل من المحسنين وأعطى كل مريض ظرفاً فيه مبلغ من المال، فأخذ الظرف (وكان يرفض أي مساعدة مالية من أحد) وقال لي: ضعه تحت وسادة الأخ المجاور وقد كان خارج الغرفة لإجراء بعض التحاليل.
كان دائماً يردد ويقول: أنا على يقين أن الله مخبئ لي شيء عظيم.
وبعد
فترة رفض أخذ المسكنات وقال: هذه الآلام والأوجاع رحمة من الله فيها تكفير
للسيئات ورفع إن شاء الله للدرجات, وذكر الله وقراءة القرآن أفضل عندي من
المسكنات.
وفي يوم الخميس ليلة الجمعة وقبل الفجر بساعتين قال لأخيه المرافق له: هل أذن الفجر؟ فقال له: بقي ساعتين، فأخذ غفوة واستيقظ وسأله مرة أخرى: هل أذن الفجر؟.
فقال: مازال باقي وقت, وقبل الأذان بربع ساعة قال: لا تؤخرني يا أخي وضئني الآن.
فتوضأ
وجعل يستغفر ويسبح ويهلل ثم صلى الفجر وبعد السلام رفع السبابة وقال: أشهد
أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمداً رسول الله، ثم نظر إلى السماء وابتسم
ابتسامة كبيرة ثم سقط ميتاً.
وكان قد أوصى أن أقوم بتغسيله، فوالله ما وجدت ألين منه وكان وجهه مشرقاً منيراً والابتسامة معه، وكأنه لم يفارق الحياة, صلينا عليه وشهد جنازته خلق كثير يقول الذي ألحده ويقسم بالله أنه وجد في قبره نور ولم تفارقه الابتسامة.
التقيت بأخيه بعد وفاته بعدة أسابيع فقال لي: أبشرك يا شيخ صبر أخي ومواقفه العظيمة وثباته أثناء المرض كان سبباً في هدايتي وهداية أبي وجميع إخوتي فرحمه الله رحمة واسعة...
* من فوائد القصة:
- بقدر تمسك الإنسان بدينه وبالأمور التي تقوي صلته بربه بقدر ما يجد من السعادة والاطمئنان واليقين الذي يهون عليه مصائب ومتاعب هذه الحياة.
- ثبات الإنسان وقت الفتن والابتلاءات فيه نفع وثبات لغيره.
- إذا وقعت المصيبة فهي مقدرة ولن ترد، فما أجمل أن يتعامل معها الإنسان بالرضا والصبر لتكون في حقه منحة ويفوز بالأجر.
- الحياة الحقيقية هي حياة القلوب وليست حياة الأبدان فلا نغفل عن هذا الأمر.
- على الإنسان أن لا يبيع أخراه بعمل محرم أو معاملة محرمة أو ما شابه ذلك, فالدنيا مهما طالت فهي قصيرة ومهما عظمت فهي حقيرة.
- زيارة المستشفيات والمرضى فيها عظة وعبرة وترقيق للقلوب فلنحرص عليها.
- رسالة إلى كل من يتهاون بحلق اللحية انظر لموقف هذا المريض أخي الحبيب واعلم أن إعفاء اللحية واجب وحلقها معصية لله جلا وعلا.
- علينا أن نعتبر بما يجري حولنا من مصائب وابتلاءات ونبادر بالتوبة والرجوع إلى الله ولا نسوف فالموت يأتي بغتة.
المصدر: الشيخ عبد الرحمن الصاوي. بتصرف.
فقام من المنام منشرح الصدر فرح بهذه الرؤية الطيبة فتوضأ وجلس يصلي لطلوع الفجر.
التقيت بأخيه بعد وفاته بعدة أسابيع فقال لي: أبشرك يا شيخ صبر أخي ومواقفه العظيمة وثباته أثناء المرض كان سبباً في هدايتي وهداية أبي وجميع إخوتي فرحمه الله رحمة واسعة...
إرسال تعليق