وجّه مجموعة من علماء
أهل السنة ودعاتهم بيانًا بمناسبة ما يسمى "الاحتفال بالمولد النبوي" ضمنوه
سلسلة من الأحكام والتوجيهات المبنية على أحاديث رسول الله صلى الله عليه
وسلم في مجال التحذير من البدع، وحثوا كل مسلم يحب أهل بيت رسول الله صلى
الله عليه وسلم على أن يدرك حقيقة أن المحبة الحقيقية تستلزم المتابعة وعدم
المخالفة.واستنكر
البيان ما يحدث ممن يعلنون حبهم ومودتهم لآل البيت وما يقع منهم من منكرات
شرعية ومخالفات، واعتزازهم وتعظيمهم لشعائر بدعية لم تكن من هدي الرسول
صلى الله عليه وسلم.وأكد
الموقعون على البيان أن من بين هذه الشعائر التعبدية التي تخالف الهدي
النبوي بدعة الاحتفال بالمولد النبوي بدعوى المحبة، وأكدوا أنه يعد تحريفًا
لهذا الأصل العظيم لا يتفق مع مقاصد الشرع المطهر في جعل اتباعه صلى الله
عليه وآله وسلم مدارًا يدور معه الناس في كل أحوالهم وعباداتهم، لأن محبته
صلى الله عليه وآله وسلم، تستلزم اتباعه ظاهرًا وباطنًا، ولا منافاة بين
محبته واتباعه، بل إن اتباعه هو أصل محبته عليه الصلاة والسلام.وقال
البيان: "أهل الاتباع الصادق، يقتفون سنته صلى الله عليه وسلم ويتتبعون
هديه، ويقرؤون سيرته، ويعطرون مجالسهم بشمائلِه، دون تعيين ليومٍ، أو غلو
في وصف، أو تخصيص بكيفية لم تأت بها الشريعة".وأضاف
أن هذا الحدث البدعي يشتمل على إطراء له صلى الله عليه وآله وسلم بما لم
يأذن به ولا يرضى هو صلى الله عليه وآله وسلم بمثله، وبعضه بني على أحاديث
باطلة أو اعتقادات فاسدة. وقد ثبت عنه صلى الله عليه وآله وسلم التنفير من
مثل هذه المبالغات بقوله: ((لا تُطْروني كما أطرت النصارى ابن مريم)) رواه
البخاري.وأكد
الموقوعون على البيان أن هذا الاحتفال بمولده صلى الله عليه وسلم لم يفعله
هو عليه الصلاة والسلام ولم يأمر به، ولم يفعله أحد من علماء آل البيت
الكرام كعلي بن أبي طالب، والحسنين، وعلي زين العابدين، وجعفر الصادق، ولم
يفعله أصحاب نبينا صلى الله عليه وآله وسلم، -رضي الله عنهم جميعًا- ولا
أحد من التابعين ولا تابعيهم، ولا أئمة المذاهب الأربعة المتبوعين، ولا
فعله أحد من أهل الإسلام خلال القرون المفضلة الأولى.وأشار البيان
إلى أن هذا الاحتفال هو بدعة سصاحبها الإنشاد بالدفوف وأحيانًا تتم داخل
المساجد، وقد قال صلى الله عليه وآله وسلم في ذلك وما يشابهه: ((كلُّ بدعةٍ
ضلالة)) رواه مسلم.الموقعون على البيان:وقد
وقع على البيان كلٌّ من الشيخ أبو بكر بن هدار الهدَّار رئيس مؤسسة الضمير
الخيرية الاجتماعية بتريم، و الشيخ أيمن بن سالم العطاس مدرس العلوم
الشرعية بالثانوية الأولى وإمام وخطيب بأبي عريش، و الشيخ حسن بن علي البار
مدرس الثقافة الإسلامية بالكلية التقنية بالدمام وإمام وخطيب بالظهران،
الشيخ حسين بن علوي الحبشي أمين عام منتدى الغيل الثقافي الاجتماعي بغيل
باوزير والشيخ صالح بن بخيت مولى الدويلة المشرف على المكتب التعاوني
للدعوة والإرشاد وتوجيه الجاليات وإمام وخطيب بالخرج والشيخ عبد الله بن
فيصل الأهدل رئيس مؤسسة الرحمة الخيرية وإمام وخطيب جامع الرحمة بالشحر
والشيخ د. عصام بن هاشم الجفري أستاذ مساعد بكلية الشريعة قسم الاقتصاد
الإسلامي بجامعة أم القرى وإمام وخطيب بمكة والشيخ علوي بن عبد القادر
السَّقَّاف المشرف العام على موقع الدرر السنية والشيخ محمد بن عبدالله
المقْدي المشرف العام على موقع الصوفية وإمام وخطيب بالدمام والشيخ محمد بن
محسن البيتي مدير مؤسسة الفجر الخيرية وإمام وخطيب جامع الرحمن بالمكلا
والشيخ محمد سامي بن عبدالله شهاب المدرس بمعهد العلوم الإسلامية والعربية
بإندونيسيا والشيخ د. هاشم بن علي الأهدل أستاذ بجامعة أم القرى بمكة
المكرمة معهد تعليم اللغة العربية لغير الناطقين بها.
نص البيان: وفيما يلي نص البيان الذي حصلت مفكرة الإسلام على نسخة منه: الحمد
لله رب العالمين، الهادي من شاء من عباده إلى صراطه المستقيم، والصلاة
والسلام على أزكى البشرية المبعوث رحمة للعالمين، وعلى آله وصحبه أجمعين..
أما بعد:فإن
من الأصول العظيمة التي اجتمعت عليها قلوبُ أهل العلم والإيمان: الإيمان
بأن هدي نبينا محمد صلى الله عليه وآله وسلم أكمل الهدي وشريعته أتم
الشرائع، يقول الله تعالى: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ
وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلامَ دِينًا}
[المائدة:3] والإيمان
بأن محبته دين يدين به المسلم قال صلى الله عليه وآله وسلم: ((لا يؤمن
أحدكم حتى أكون أحب إليه من والده، وولده، والناس أجمعين)) رواه البخاري
ومسلم، فهو عليه الصلاة والسلام، خاتم النبيين، وإمام المتقين، وسيد ولد
آدم، وإمام الأنبياء إذا اجتمعوا، وخطيبهم إذا وفدوا، صاحب المقام المحمود،
والحوض المورود، وصاحب لواء الحمد، وشفيع الخلائق يوم القيامة، وصاحب
الوسيلة والفضيلة، بعثه الله بأفضل الكتب، وشرع له أفضل الشرائع، وجعل أمته
خير أمة أخرجت للناس، قال الله تعالى: {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ
اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ
الآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا} [الأحزاب:21]. ومن محبته صلى الله عليه
وآله وسلم محبة آل بيته، قال صلى الله عليه وآله وسلم ((أذكركم الله في
أهل بيتي)) رواه مسلم.فالواجب
على آل بيته صلى الله عليه وآله وسلم أن يكونوا أعظم الناس اتباعاً لسنته،
واقتداءً بهديه، وعليهم أن يتمثلوا المحبة الحقة، وأن يكونوا أبعد الناس
عن الهوى، إذ الشريعة جاءت على خلاف داعية الهوى، يقول الله تعالى: {فَلا
وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ
ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا
تَسْلِيمًا} [النساء:65]، فالحب الحقيقي يستدعي الاتباع الصادق، قال الله
تعالى: {قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي
يُحْبِبْكُمُ اللهُ} [آل عمران:31] وليس مجرد الانتساب إليه صلى الله عليه
وآله وسلَّم من جهة النسب كافيًا في أن يكون صاحبه موافقاً للحق في كل شأنه
لا يُخطئه أو يحيد عنه.وإنَّ
مما يؤلم من نوَّر الله بصيرته بنور العلم، وحشا قلبَه لآل بيت نبيه
بالمحبةِ والود، خاصة إن كان من أهل الدار، من السلالة الشريفة: دخولَ بعض
أبناء هذه البضعة الكريمة في أنواعٍ من المخالفات الشرعية، وتعظيمهم لشعائر
لم يأت بها الحبيب المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم.ومن
هذه الشعائر المعظَّمة على غير هدي جدِّنا صلوات الله وسلامه عليه: بدعة
الاحتفال بالمولد النبوي بدعوى المحبة، وهذا يعد تحريفاً لهذا الأصل العظيم
لا يتفق مع مقاصد الشرع المطهر في جعل اتباعه صلى الله عليه وآله وسلم
مداراً يدور معه الناس في كل أحوالهم وعباداتهم، إذ محبته صلى الله عليه
وآله وسلم، توجب اتباعه ظاهراً وباطناً، ولا منافاة بين محبته واتباعه، بل
إن اتباعه هو أُسُّ محبته عليه الصلاة والسلام. وأهل الاتباع الصادق،
يقتفون سنتَه، ويتتبعون هديَه، ويقرؤون سيرتَه، ويعطرون مجالسهم بشمائلِه،
دون تعيينٍ ليومٍ، أو غلوٍّ في وصفٍ، أو تخصيصٍ بكيفيةٍ لم تأتِ بها
الشريعة.ومما
يزيد هذا الاحتفال بعداً عن الهدي النبوي ما يحصل فيه من إطراءٍ له صلى
الله عليه وآله وسلم بما لم يأذن به ولا يرضى هو صلى الله عليه وآله وسلم
بمثله، وبعضه بُني على أحاديثَ باطلة أو اعتقاداتٍ فاسدة. وقد ثبت عنه صلى
الله عليه وآله وسلم التنفير من مثل هذه المبالغات بقوله: ((لا تُطْروني
كما أطرت النصارى ابن مريم)) رواه البخاري. فكيف وقد تضمَّنت بعضُ هذه
المجالس والمدائح: ألفاظاً بدعية، واستغاثاتٍ شركية.وهذا
الاحتفال بمولده عملٌ لم يفعله النبي صلى الله عليه وآله وسلم، ولم يأمر
به، ولم يفعله أحدٌ من علماء آل البيت الكرام كعلي بن أبي طالب، والحسنين،
وعلي زين العابدين، وجعفرٍ الصادق، ولم يفعله أصحاب نبينا صلى الله عليه
وآله وسلم، -رضي الله عنهم جميعاً- ولا أحدٌ من التابعين ولا تابعيهم، ولا
أئمة المذاهب الأربعة المتبوعين، ولا فعله أحدٌ من أهل الإسلام خلال القرون
المفضلة الأولى. فإذا
لم تكن هذه البدعة فما هي البدعة إذن؟! فكيف إذا صاحبها الإنشاد بالدفوف
وربما كان ذلك داخل المساجد أحياناً وقد قال صلى الله عليه وآله وسلم في
ذلك وأشباهه قولاً فصلاً لا استثناء فيه: ((كلُّ بدعةٍ ضلالة)) رواه مسلم.أيها
السادة الكرام! يا خير نسلٍ وُجد على وجه الأرض: إنَّ شرفَ الأصل والنسب
تشريفٌ يتبعه تكليف، هو أخذٌ بسنته صلى الله عليه وآله وسلم، وسعيٌ
لاستكمال أمانته من بعده بحفظ الدين، ونشر الدعوة إليه، وإن اتباع الرجال
فيما لم يأذن به الشرع لا يغني من الحق شيئاً، وهو مردود على صاحبه كما قال
صلى الله عليه وآله وسلم: ((من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد))
رواه البخاري ومسلم.فاللهَ
اللهَ يا أهلَ بيتِ محمدٍ صلى الله عليه وآله وسلَّم! لا يغرنَّكم خطأُ
مَن أخطأ، وضلالُ مَن ضلَّ، أن تكونوا أئمةً في غير الهُدى، فوالله ما على
وجه الأرض أحدٌ أحب إلينا هدايته منكم لما لكم من رسول الله صلى الله عليه
وآله وسلم من القربى.فهذه
دعوة من قلوب محبة تريد الخير لكم، وتدعوكم إلى اتباع سنة جدِّكم بمفارقة
هذه البدعة وسائر ما لا يعلم المرءُ يقيناً أنه من سُنَّته ودينه، فالبدارَ
البدارَ فـ ((منْ بطَّأ به عملُه لم يُسْرِعْ به نَسَبُه)) رواه مسلم.والحمد لله رب العالمين،،
إرسال تعليق