0
: 134 ] قوله ( باب ما يكره من الحرص على الإمارة ) أي على تحصيلها ، ووجه الكراهة مأخوذ مما سبق في الباب الذي قبله .

قوله : عن سعيد المقبري عن أبي هريرة ) هكذا رواه ابن أبي ذئب مرفوعا ، وأدخل عبد الحميد بن جعفر بين سعيد وأبي هريرة رجلا ولم يرفعه ، وابن أبي ذئب أتقن من عبد الحميد وأعرف بحديث المقبري منه فروايته هي المعتمدة ، وعقبه البخاري بطريق عبد الحميد إشارة منه إلى إمكان تصحيح القولين فلعله كان عند سعيد عن عمر بن الحكم عن أبي هريرة موقوفا على ما رواه عنه عبد الحميد ، وكان عنده عن أبي هريرة بغير واسطة مرفوعا ، إذ وجدت عند كل من الراويين عن سعيد زيادة ; ورواية الوقف لا تعارض رواية الرفع لأن الراوي قد ينشط فيسند وقد لا ينشط فيقف .

قوله : إنكم ستحرصون ) بكسر الراء ويجوز فتحها ، ووقع في رواية شبابة عن ابن أبي ذئب " ستعرضون " بالعين وأشار إلى أنها خطأ .

قوله ( على الإمارة ) دخل فيه الإمارة العظمى وهي الخلافة ، والصغرى وهي الولاية على بعض البلاد ، وهذا إخبار منه صلى الله عليه وسلم بالشيء قبل وقوعه فوقع كما أخبر .

قوله : وستكون ندامة يوم القيامة ) أي لمن لم يعمل فيها بما ينبغي ، وزاد في رواية شبابة " وحسرة " ويوضح ذلك ما أخرجه البزار والطبراني بسند صحيح عن عوف بن مالك بلفظ : أولها ملامة ; وثانيها ندامة ، وثالثها عذاب يوم القيامة ، إلا من عدل . وفي الطبراني الأوسط من رواية شريك عن عبد الله بن عيسى عن أبي صالح عن أبي هريرة قال شريك : لا أدري رفعه أم لا ، قال : الإمارة أولها ندامة ، وأوسطها غرامة ، وآخرها عذاب يوم القيامة " وله شاهد من حديث شداد بن أوس رفعه بلفظ أولها ملامة وثانيها ندامة أخرجه الطبراني وعند الطبراني من حديث زيد بن ثابت رفعه : نعم الشيء الإمارة لمن أخذها بحقها وحلها ، وبئس الشيء الإمارة لمن أخذها بغير حقها تكون عليه حسرة يوم القيامة وهذا يقيد ما أطلق في الذي قبله ، ويقيده أيضا ما أخرج مسلم عن أبي ذر قال قلت يا رسول الله ألا تستعملني ؟ قال : إنك ضعيف ، وإنها أمانة ، وإنها يوم القيامة خزي وندامة إلا من أخذها بحقها وأدى الذي عليه فيها قال النووي : هذا أصل عظيم في اجتناب الولاية ولا سيما لمن كان فيه ضعف . وهو في حق من دخل فيها بغير أهلية ولم يعدل فإنه يندم على ما فرط منه إذا جوزي بالخزي يوم القيامة ، وأما من كان أهلا وعدل فيها فأجره عظيم كما تظاهرت به الأخبار ، ولكن في الدخول فيها خطر عظيم ، ولذلك امتنع الأكابر منها والله أعلم .

[ ص: 135 ] قوله ( فنعم المرضعة وبئست الفاطمة ) قال الداودي : نعم المرضعة أي الدنيا ، وبئست الفاطمة أي بعد الموت ، لأنه يصير إلى المحاسبة على ذلك ، فهو كالذي يفطم قبل أن يستغني فيكون في ذلك هلاكه . وقال غيره : نعم المرضعة لما فيها من حصول الجاه والمال ونفاذ الكلمة وتحصيل اللذات الحسية والوهمية حال حصولها ، وبئست الفاطمة عند الانفصال عنها بموت أو غيره وما يترتب عليها التبعات في الآخرة .

( تنبيه ) :

ألحقت التاء في " بئس " دون نعم ، والحكم فيهما إذا كان فاعلهما مؤنثا جواز الإلحاق وتركه ، فوقع التفنن في هذا الحديث بحسب ذلك " وقال الطيبي : إنما لم يلحقها بنعم لأن المرضعة مستعارة للإمارة وتأنيثها غير حقيقي فترك إلحاق التاء بها وإلحاقها بئس نظرا إلى كون الإمارة حينئذ داهية دهياء . قال : وإنما أتي بالتاء في الفاطمة والمرضعة إشارة إلى تصوير تينك الحالتين المتجددتين في الإرضاع والفطام .

قوله : وقال محمد بن بشار ) هو بندار ، ووقع في مستخرج أبي نعيم أن البخاري قال " حدثنا محمد بن بشار " وعبد الله بن حمران هو بصري صدوق وقد قال ابن حبان في الثقات : يخطئ وما له في الصحيح إلا هذا الموضع . وعبد الحميد بن جعفر هو المدني لم يخرج له البخاري إلا تعليقا ، وعمر بن الحكم أي ابن ثوبان مدني ثقة أخرج له البخاري في غير هذا الموضع تعليقا ، كما تقدم في الصيام .

قوله ( عن أبي هريرة ) أي موقوفا عليه .

إرسال تعليق

 
Top